أخبار المشاهير

خسارة الشاعر أنور سلمان

اعتبر وزير الثقافة ريمون عريجي معزيا بوفاة الشاعر أنور سلمان ان برحيله يفقد لبنان قامة ادبية شامخة اثرت الساحة الثقافية اللبنانية بإبداعات رائدة ستضل تدلل على عطاءاته المتميزة في مجال الشعر. وان اعمال الشاعر أنور سلمان ستبقى خالدة في ذاكرة الثقافة اللبنانية .

يطيب للموت ان يصيبنا في الصميم، ان يتوغل في ساحاتنا،وان يمتحن ارادتنا وقوتنا .

خطف الموت الشاعر أنور سلمان (١٩٣٨-٢٠١٦) بعد عقود من العطاء .بدأت انطلاقته الشعرية الاولى بفوزه بجائزة مارون عبود للشعر في العام ١٩٥٦.
لم يسع أنور سلمان يوما في حياته الى الشهرة والأضواء .لكن الشموس والاقمار التي علقها في سماء الشعر ابت الا ان تزحف لوداعه في يوم رحيله المفاجئ. فيما تسابق أرز الخلود في لبناننا الحبيب الى احتضان ارزته المزروعة في حديقة الكتاب في بتلون الشوف.
شيعت بلدة الرملية -قضاء عاليه-مسقط رأس الشاعر أنور سلمان ابنها البارّ في مأتم رسمي وشعبي حاشد وسط اجواء من الحزن والالم على فقدان علم من إعلام الشعر العربي تجلّت في الكلمات التي ألقيت خلال التشييع.
بداية قدمت الإعلامية سناء ضو نبذة عن حياة الراحل ،فتحدثت عن نتاجه الذي أغنى المكتبة الشعرية العربية بأجمل القصائد،وقالت ان أنور سلمان كان يعتبر ان الشعر خارج الوزن والتفعيلة ليس شعرا. كما لفتت ان غنى شعره بالموسيقى جعله ايضا شاعرا غنائياً بامتياز (لم يكن الراحل يحبذ هذا التوصيف) سيما ان الإذاعة اللبنانية في عصرها الذهبي صنفته شاعرا من الدرجة الاولى. لحنت قصائده وغناها مطربون مشهورون منهم السيدة ماجدة الرومي علما ان قصائده المغناة نالت جوائز عديدة وأبرزها جائزة اجمل أغنية عربية في مهرجان قرطاج عام ١٩٩٤ وجائزة اجمل أغنية عربية في مهرجان القاهرة عام ١٩٩٧. وتطرقت ضو الى عمل الشاعر سلمان في الصحافة ،حيث شغل منصب مدير التحرير لمجلة مشوار الفنية. كما اعتبرت ان الشاعر أنور سلمان لا يشبه احدا ،وحده الجمال يشبهه ،اما التأثر فأمر بديهي وأما التميز والبصمة الخاصة،فهذا هو الإبداع !

وفي تقديمها لصديق عمر أنور سلمان الوزير السابق ادمون رزق ،قالت :ادمون رزق أرزة من أرز لبنان أديب،شاعر سياسي ،برلماني عريق ،وفوق هذا لغوي ساحر يدرك اسرار اللغة ،فهي عنده سماء ثامنة يحلق فيها نسرا لا ينكسر.
بعض ما جاء في كلمة الوزير السابق ادمون رزق :
لا مؤبناً جئت ولا مودعاً ،الى الرملية التي اعتز بأصالتها وقد خبرت معدنها في أنور سلمان احد رفاق العمر ،رفاق الكلمة ،رفاق الوطنية والإنسانية. وفي حديثه عن منمنمات قصائد الشاعر الراحل التي جاد بها ،قال : عندما رجوت منه ان يعيد الثقة بلبنان بعد المِحنة المأساة عام ١٩٩٠،اعطانا منمنمات قصائد لحنها وجدي شيا عبرت عن موقف لبناني في مواجهة الفرقة والتدمير. واستذكر هذه المنمنمة من انامل أنور :
من قمر الاحزان
من نار ودخان
لملمتك من جرح أحمر
ورسمتك باللون الأخضر
فوق بياض الثلج فكان
اسمك رمزك مجدك يا لبنان

وختم رزق قائلا نحن لا نؤمن بان هناك قوة في العالم وان دكّت القلاع والحصون تستطيع ان تهدم بيتا واحدا من الشعر.
أنور في القلب باقٍ والرملية والجبل ولبنان يتمجدون بأمثال أنور سلمان.

وفي تقديم كلمة اتحاد الكتاب اللبنانيين واصدقاء الشاعر التي ألقاها الامير الشاعر طارق آلِ ناصر الدين قالت الإعلامية ضو:
أنور سلمان علم من لبنان ،أنور سلمان قلم مبدع من اقلام اتحاد كتاب لبنان ،أعطى روحه للإتحاد وكان عضوا في هيئته الإدارية.
أنور سلمان يعتز بك الاتحاد ولا ينساك ،انت عنده مثل شعرك تماما جمال على وفاء وسحر على عطاء.

كلمة الشاعر الامير طارق آلِ ناصر الدين : كلفني جمع من الأصدقاء وأخوة في اتحاد الكتاب اللبنانيين ان أرثيك نيابة عنهم يا صديقي أنور سلمان ورغم ما في هذا التكليف من تشريف ،شعرت أني أغضبك قليلا ،فلطالما قلت لي :
بقدر ما أحب في الشعر الغناء لا أحب الرثاء!

لم ينتظرك جوزيف حرب كثيرا ،فليس من تقاليده ولا من تقاليدك ان يطول موعد اللقاء.
من سوء حظك يا صديقي أنور انك من اصحاب المواهب ولست من طلاب المناصب او من اتباع المذاهب ولو كنت من هؤلاء لزحفت القطعان الى ضريحك تذرف الدموع الغبية ولفرضوا الحداد حتى على الشاحنات القاتلة ،ولكنك شاعر موهوب وحرّ وشفاف. قدرك ان تعيش مظلوما وترحل مقتولا. لو كنت حاكما او خادما لحاكم لنكسوا يوم رحيلك الاعلام ولكن سلطان شعر وصانع كلام ،فمن حقك الآن ان تنام دون ان تؤذي اسماعك طبول السلطة ودون ان يلطخ صدرك وسام.

حبيبي أنور .. في لغة الحب والشعر لا تستحب كلمة الوداع ،فالشعراء العشاق لا يرحلون! اذا الى اللقاء يا صديقي ،الى اللقاء.

ثم كانت كلمة لممثل وزير الثقافة معالي الاستاذ روني عريجي القاها الشاعر نعيم تلحوق وجاء فيها:
هل اعابوك يا أبا ربيع لأنك مارست فضيلة التوحيد عقيدة ،فكنت كما انت لا تخرج سيئة منك ،كنت تشهد بإله واحد لكنك لم تصدق اي نبي دجّال.
كم كنّا نتعارك بمكتبي في وزارة الثقافة حول القصيدة العاموديّة والقصيدة الحرة ونحتكم للشعر ،فكنا نذهب الى وجهات معرفية في الأدب والفكر حول منظومة القيم التي تحكم الأجيال فنتفق اخيراً على كما ان لكل زمان دولة ورجال ،فإن للقصيدة أنغام وآيات ،أفكار وجهات ،فنخرج معا من التسويات الى الشعر وحده.
لقد اتفقنا ان المدح والهجاء والفخر أنماط تقليدية ،فجلّ الامر ان نزيل الأدب عن السياسة ،فاجتمعنا معا على ان الشاعر الفنان بمقدوره ان يصنع الف سياسي وليس بمقدور الف سياسي ان يصنعوا شاعرا او رساما او موسيقيا واحدا.

بعدها ألقى الشاعر اياد ابو علي كلمة الرملية فقال:
ساعة كلفت بقول كلمة الرملية وتحسست ثقلا على كتفي،خدراً بأناملي ويدي ،تحسس قلمي همّ كيف لي ان أقول فيك كلاما ثميناً وانت سيد الكلام الرصين الجميل الثمين.
كيف لحرفي ان يصف حرفك؟ من أين آتي بسهل كسهلك،وجداول كجداولك !
يا مبدعاً كان من ضيعتي ومنها انطلق الى العرب أمة البلاغة والفصاحة!
أنور سلمان سئلت ذات يوم متى ستشيد في الرملية لك بيتاً؟
أجبت شعراً في خاتمته مسك تقول:
تلك الربوع الخضر من موطني
تمشي على جفني لياليها
ان لم اعمر فوقها منزلاً
قلوب صحبي منزلي فيها

أيها الشاعر المرهف ،علمت أبناءك ،فكانوا اكفاء نجباء ،يفخر بهم الوطن والإنسان.
ربيع مترجم لعدة لغات واظنه اليوم حائرا يبحث عن مترجم لمشاعر فقدك وصداقتك وابوتك ،ويسار ابنك البارع المبدع في مجال الاتصالات ،هو في حيرة ،كيف يتواصل مع الحزن وغيابك الطويل المرير ..
ونشأت ابنك المهندس المميز يسأل عن اتفاق على اللقاء ،كيف جاء ولم تلاقه عند الباب باللهفة الحارّة والترحاب..
وختم الشاعر بقصيدة رثاء قال فيها :
مقطع من القصيدة التي ألقيتها اليوم في تأبين الشاعر المرحوم الأستاذ أنور سلمان.

رمليّةُ ” الشّعرِ كي تُهدي لكَ العبق ”

أزرارُها انفتحَتْ وزّالُها شهَقا

قالت لنيسانَ: “نيسانَ الهوى هوَ

أنورٌ سيأتي بِنعشٍ فافرُشِ الطُّرقا

فيئًا وضوءًا وأزرارًا لأغنيةٍ

واجعل بيوتي كأبياتٍ لهُ ألقا

لا تَبكِهِ تُبكِهِ مَن قالَ فارَقَني

في كلِّ صَوبٍ أرى مِن روحِهِ رَمَقا

من صوتِهِ عسلًا من عطرِهِ غزلًا

من لطفِهِ حُللًا من شِعرِه أفُقا

كم كان يتعبُ كي تحلو قصائدُهُ

مُطوِّعًا مُرهِقَيهِ الحِبرَ والورقا

الموت يسبقُ كلَّ النّاسِ يأخذُهُمْ

إلّا مَعَ الشُّعَرا لا يربحُ السَّبقا

أمامَ نعشِك يمشي الحرفُ مُنتَحِبًا

وَضَيْعةُ الآهِ فَتّتْ فوقَهُ حَبَقا ”

وفي الختام كانت كلمة مؤثرة لإبن اخت الراحل السيد أكرم سلمان جاء فيها:

ما عساي أقول في وداع الخال والصديق الصدوق أنور واصدق الكلام عن الاحبة يبقى حبيس الفؤاد.
اجل ،فأنور سلمان قلم وقلب. قلمه ابدع كمّاً من النتاج الأدبي اعتبره النقاد من اللآلىء النادرة التي رصعت تاج مملكة الشعر العربي الحديث.
اما القلب : فآه وألف آه ،قمقم عطر ينضح محبة وعاطفة قلّ نظيرهما.
أنور سلمان كان قوي الاعتزاز بالرملية ضيعته الجميلة،احبها وتغنى بها ،مُسقِطاً شعره عليها كالندى في العشيات ،وها هي اليوم تبادله المحبة وتكفنه بترابها.
أرقد أيها الغالي بسلام الى جانب ابنك الحبيب إيهاب. فأنت حيٌّ بذكراك فينا وفي بلدتك التي لن تنساك أبدا.

وأخيرا تقدم باسمه واسم زوجة الفقيد واولاده ربيع ،يسار ونشأت بالشكر لكل من واساهم في مصابهم الجلل ،طالباً للجميع طول البقاء.

ابرق وزير الثقافة روني /ريمون عريجي معزيا بوفاة الشاعر أنور نايف سلمان واعتبر ان برحيله يفقد لبنان قامة ادبية شامخة اثرت الساحة الثقافية اللبنانية بإبداعات رائدة ستضل تدلل على عطاءاته المتميزة في مجال الشعر. وان اعمال الشاعر أنور سلمان ستبقى خالدة في ذاكرة الثقافة اللبنانية .
image2

image6

image5

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى